دخلت عليها طفلتها ذات الثمانية أعوام بدموعها المنهمرة ووجهها الشاحب حين عادت من أحد المحال أسفل المنزل حيث كانت تشترى بعض الحلوى.. إنهارت بين يديها باكية تحكي أن أحد الرجال صعد معها بالمصعد وإحتضنها بطريقة غريبة وحاول ملامسة أجزاء حساسة من جسدها الصغير مستغلا وجودها بمفردها معه بمصعد العمارة.. وهنا أدركت الأم أن شيئا مهما فاتها في تربية إبنتها لحمايتها من خطر ومرض يحيطها هي وطفلتها وهو التحرش بالأطفال، ذلك الخطر الذي أصبح يهدد كيانات العديد من الدول العربية وإنتشرت إحصائيات مبدئية له بأرقام مخيفة.
ففي مصر تشير أول دراسة عن حوادث التحرش بالأطفال أعدتها الدكتورة فاتن عبد الرحمن الطنباري أستاذة الإعلام المساعد في معهد الدراسات العليا للطفولة بجامعة عين شمس إلى أن الإعتداء الجنسي على الأطفال في مصر يمثل 18% من إجمالي الحوادث المتعلقة بالطفل، وفيما يتعلق بصلة مرتكب الحادث بالطفل الضحية أشارت الدراسة إلى أن النسبة هي 35% من الحوادث يكون الجاني له صلة قرابة بالطفل الضحية، وفي 65% من الحالات لا توجد بينهم صلة قرابة.
وفي الأردن تؤكد عيادة الطبيب الشرعي في وحدة حماية الأسرة بالأردن أن عدد الحالات التي تمت معاينتها خلال عام 1998 قد بلغ 437 حالة، شملت 174 حالة إساءة جنسية، كان المعتدي فيها من داخل العائلة في 48 حالة، وكان المعتدي معروفا للطفل الضحية، جار قريب في 79 حالة، وفي 47 حالة كان المعتدي غير معروف للطفل أو غريبا عنه.
أما لبنان فقد أشار المؤتمر اللبناني الرابع لحماية الأحداث إلى إرتفاع عدد الإعتداءات الجنسية على القاصرين خاصة الذكور منهم على يد أقرباء لهم أو معتدين قاصرين.
وهنا يأتي السؤال الأهم..
كيف أحمى طفلي من التحرش الجنسي:
يقول د جاسم المطوع إن برنامج توعية الطفل من التحرش يحتاج أن يتعلم ست قواعد، الأولى أن يصارح الطفل والديه عندما يبوح له شخص بأسرار سيئة، والثانية أن يتعلم الفرق بين اللمس السيئ كاللمس في الأماكن الحساسة من جسده واللمس الصحيح مثل المصافحة والسلام، والثالثة توجيهه بألا يصادق من هو أكبر منه.
أما القاعدة الرابعة فهي أن يكون قويا بتعليمه الكاراتيه أو بعض الرياضات للدفاع عن نفسه، والخامسة تنبيهه بألا يستجيب عندما يطلب منه شخص أكبر منه أمرا سيئا أو مجهولا، والسادسة ألا يعطي فرصة للغريب بالتدخل في حياته أو بعمل حوار خاص معه.
ويضيف: أهم من ذلك كله أن تبقى علاقة الوالدين بالطفل قوية والحوار بينهما مستمرا يوميا حتى يكون الباب مفتوحا دائما لسماع الأخبار في علاقة الطفل مع أصدقائه وزملائه بل وحتى مراقبة علاقته بإخوانه وأخواته.
وهناك بعض التعليمات التي تحمى الأبناء من التحرش الجنسي مثل:
1= تعليم الأطفال الفرق بين التعامل والتفاعل العاطفي مع الأب والأم والأخوات والتعامل مع الأغراب.
2= عدم ترك الطفل مع الأغراب أو الأقارب بدون رقابة ومتابعة يومية تفصيلية عما تم في الوقت الذي قضاه مع الأغراب والأقارب وذلك عن طريق فتح حوار مع الطفل.
3= رفع ثقة الطفل بنفسه وأنه عنده القدرة دائمًا للرفض والهروب وطلب المساعدة بصوت عال وواضح، حينما يتعرض لأي محاولة للتحرش به.
4= مراقبة سلوك الخدم وعلاقتهم مع الأطفال.
5= التفريق بين الأطفال أثناء النوم قدر الإمكان وإن كان لابد منه ينبغي مراقبتهم.
6= الحذر من ممارسة الوالدين العلاقة الجنسية قريبا من الأطفال أو حيث يكون بإمكانهم سماع ما يدور بين الوالدين أثناء ذلك.
7= الإستعانة ببعض أفلام التوعية من التحرش المخصصة للأطفال التي تعدها بعض المنظمات والجمعيات.
ولكن رغم هذا ففي الواقع قلما يفصح الأطفال للكبار بالكلمات عن تعرضهم للإعتداء الجنسي أو مقاومتهم لمثل هذا الإعتداء وقد يبقون في حيرة وإضطراب إزاء ما ينبغي عليهم فعله في هذه المواقف، ربما خوفا من النتائج إذا تحدثوا عن الأمر والخوف من إنتقام المعتدى والقلق من ألا يصدقهم الكبار.
فكيف تعرف الأم أن طفلها تعرض للتحرش؟
تشير بعض الدراسات إلى أعراض وعلامات تدل على تعرض الطفل للإعتداء الجنسي، إبداء الإنزعاج أو التخوف أو رفض الذهاب إلى مكان معين أو البقاء مع شخص معين، وإظهار العواطف بشكل مبالغ فيه أو غير طبيعي، وظهور بعض التصرفات الجنسية، والإستخدام المفاجيء لكلمات جنسية أو لأسماء جديدة لأعضاء الجسم الخاصة، والشعور بعدم الإرتياح أو رفض العواطف الأبوية التقليدية، بالإضافة إلى مشاكل النوم على إختلافها: القلق، الكوابيس، رفض النوم وحيدًاً أو الإصرار المفاجيء على إبقاء النور مضاء.
كما يمكن ملاحظة إحساس الطفل بالألم أو الرغبة في هرش الأعضاء التناسلية.
وفي النهاية إذا وقع التحرش الجنسي بالأطفال يجب على الآباء اتباع الخطوات التالية:
1) فحص المعتدى عليه طبيا للتأكد من سلامته من الإلتهابات ومعالجتها إن وجدت في أسرع وقت ممكن.
2) مساعدته من الناحية النفسية وذلك بعرضه على طبيب نفسي أو معالج نفسي.
3) فحص الفتاة التي تعرضت للإعتداء للتأكد من عفتها ومساعدتها على تخطي الأزمة وتهيئتها للزواج بشكل إعتيادي.
4) تجنب الإستهزاء بمن وقع الإعتداء عليه.
5) تجنب إطلاق الصفات على من وقع عليه الاعتداء كالجبان والضعيف... الخ من الصفات التي تعمل على تحطيمه.
6) مساعدة الضحية على توضيح ما حدث له والإستماع له بكل هدوء وضبط أعصاب كي يطمئن الطفل ويتحدث بحرية تامة.
7) تجنب التشهير بمن وقع عليه الإعتداء.
8) توفير النشاطات المختلفة لمن وقع عليه الإعتداء وذلك لإبعاده عن التفكير وإجترار الحادث.
9) حمايته من التعرض للإصابة بالكآبة والخوف والوسواس وكره الحياة وغيرها من الأمراض النفسية وذلك عن طريق تخفيف الصدمة عنه.
10) عدم التنازل عن معاقبة المعتدي بشكل قانوني كي لا يتكرر ذلك السلوك المشين.
تحقيق: أميرة زكي.
المصدر: موقع رسالة المرأة.